varanasi noche

فاراناسي مدينة الموت

السياحة في الهند

فاراناسي مدينة الموت أو باناريس كما ينطقها السكان الأصليين ‏تقع شمال الهند, وتشتهر بنهر الغانج المقدس, وهي ‏واحدة من المدن الهندوسية السبعة المقدسةً في الهند, و يعتبرها الهندوس على أنها أقدس بقعة على وجه الأرض. و تعتبر واحدة من أقدم المدن في العالم، حضارة لأكثر من 3000 سنة. ويقال أن هذه المدينة أسسها اللورد شيفا إله الدمار, و كانت كذلك مكان بداية الديانة البوذية، والتي تعتبر أيضا مقدسة بالنسبة للبوذيين مثل مدينة سرناث Sarnath و التي تبعد مسافة 10 كيلومتر فقط، وحسب الروايات التي ينقصها بعض رجال الدين أن بوذا ألقى أول خطبة له في هذه المدينة قبل 500 سنة قبل الميلاد.

‏تحكي قصة المدينة أن اللورد شيفا كان في معركة مع اللورد براهما إله الخلق، فتمكن اللورد شيفا من حسم المعركة وذلك بقطع واحدة من الرؤوس الخمسة لبراهما، وكنوع من فرض السيطرة و الافتخار بهذا الإنجاز العظيم ظل يجول كل عالم حملا رأس براهما معه إلى أن وصل إلى مدينة فاراناسي فوقع منه الرأس واختفى في الأرض فقرر اللورد شيفا في الأخير إنشاء مدينة فاراناسي.




فارماسي هي مدينة أغرب من الخيال، مدينة يعمرها الخير والشر، السحر والروحانية، مدينة الطهارة والأوساخ، تسوقها الفوضى والسلام، مدينة الحياة والموت. سكانها يعكفون عن أكل لحوم الضواحي، وبعضهم يحبون أكل لحم البشر، مكان محرم فيه جميع أنواع الكحوليات لكن يمكن استعمال المخدرات للاتصال بالآلهة.

يعتقد هندوس أنه عندما يموت شخص ما، فإنه يعود إلى الحياة من جديد على هيئة جسم بشري أو حيوان, و ذلك عدة مرات متكررة، فيعيشون مرارًا وتكرارًا. ولتحقيق الخلاص المطلق، وهو التحرر من دورة الحياة والموت والذهاب مباشرة إلى الجنة. إما أن يكون شخصًا معتدلا ومتدينًا جدا، أو يحرق عند الموت و يرمى رماده في نهر الغانج المقدس. لذلك فإن الموت أو الحرق على الأقل في مدينة فاراناسي يعتبر حلما وأمنية لمعظم الهندوس.
‏وتعتبر كذلك وجهة للحجاج الهندوس الباحثين على القداسة وطلب العناية من الاله وذلك عبرة الكثير من الصلوات والاستحمام في مياه النهر الغانج، و الذي يعتبر نوع من تطهير الروح من الذنوب.

هناك أولويات للحصول على أفضل الدرجات في الجنة. أفضلها قضاء آخر أيامك في فاراناسي و بالتالي الموت و الحرق فيها. إن لم يكن في المستطاع ينقل إلى فاراناسي بعد الموت للحرق فيها. و آخرها يحرق في موطنه ثم يأتون برماده إلى فاراناسي. ليس بعيدا من المحارق قد تجد بعض ملاجئ يسكنها كبار السن و مرضى. تتلقى هذه الملاجئ الآلاف من الطلبات يوميا، هناك شروط للقبول في هذه الملاجئ، كلما كان عمر الشخص أكبر أو لديه شهادات طبية تدل على تدهور حالته الصحية أو كان يحتضر، كانت حظوظه في القبول أكبر. ومنهم من له إمكانيات مادية يقوم باستئجار غرفة في فندق لسنوات في انتظار الخلاص. قد تصادف بعضهم في نفس الفندق الذي تقطن فيه, ينتظرون نهايتهم من أجل الحصول على شرف الموت في المدينة المقدسة. وكما اعتدنا نحن أن نقول خذوه إلى البيت ليموت بين أهله، فيجب عليك أن تعتاد سماع عبارة خذوه إلى فاراناسي إنه يحتضر.




حتى الحرق لم يخلوا من الطبقية، حيث يتم حرق البسطاء على ضفة النهر والطبقة المتوسطة في مكان أعلى منه, بينما الطبقة الغنية فيتم حرقهم داخل المعبد. ليس كل الناس يسمح حرقهم، فهو ممنوع حرق الأطفال و الحوامل و الغير الهندوس و العاهرات و الوفاة الغير الطبيعية. هؤلاء الأشخاص يتم رميهم في الضفة الأخرى من النهر بعيدا عن الناس و الأجانب.

ليتم حرق الجثة الواحدة يحتجون لأكثر من 250 كيلوغرام من الحطب, و ذلك حسب حجم المتوفى. وهذا قد يكلف أكثر من 100 دولار، لهذا ليس كل شخص يتمكن منها. و هذا يعتبر عار لأنه مصيرك الأخير سيكون طعاما لاغوريين و الكلاب الضالة. و حسب قدرتك المادية سيقرر حرقك بالخشب الجيد أو الرخيص وكذلك على ضفة النهر أو داخل المعبد. و عادة ما يقوم الإبن الأكبر بحلق شعره كله كنوع من التضحية, و هناك طائفة تدعى الأبرهامية يتركون بعض من الشعيرات في مؤخرة الرأس, ثم يقوم الإبن بإضرام النار في جثة أبوية كنوع من البر بهما.

في بعض الديانات كالإسلام مثلا عندهم وقت محدد للدفن, عادة يكون بعد صلاة الظهر أو صلاة العصر. لكن الأمر مختلف في فاراناسي او في الديانة الهندوسية, فإنه محارق الجثث تعمل على طول الأسبوع ونحو 24 ساعة في اليوم، الدخان والحرق يكاد لا يتوقف.

خلال تجولك على ضفاف النهر سيصادفك أشخاص يعرضون عليك خدمات عدة منها أخذ جولة على ضفاف النهر أو زيارة الضفة الأخرى, والتي تعرف كمسكن لمعظم رجال الدين الآغوريين. والذين يشتهرون بأكل لحوم البشر، و في هذه الضفة يتم رمي جثث الأشخاص الغير القادرين تكاليف وحرق أمواتهم و الممنوعين من ذلك، فلا تستغرب إذا صادفت بقايا جثث أو أحدها تطفو فوق الماء.




على ضفاف نهر الغانج توجد مجموعة من الأدراج المؤدية مباشرة إلى مياه النهر, حيث يستعملها الحجاج للاستحمام، بحيث يوجد أكثر من 80 منها على ضفة النهر. وفوقها قد تشاهد الكثير من الحطب وأماكن الحرق, وفي بعض الأماكن قد يتواجد مصانع تقليدية للمراكب والكثير من المعابد أشهرها معبد كاشي فيشواناث Kashi Vishwanath. والذي ليس من السهل الوصول إليه لانه عادة ما يكون مغلق في وجه الأجانب. في حين يمكنك الدخول معابد أخرى مثل معبد تولسي ماناس Tulsi Manas Mandir و معبد تريديف و معبد أنابورنا Annapurna Devi Mandir و كذلك معبد هانومان و معبد دورجا كوند durga و التي تعتبر الأجمل. كذلك يمكنك زيارة معبد الهند الأم وهو عبارة عن معبد بحيث يمكنك مشاهدة خريطة الهند على صفحة من المرمر. و على بعد 9 كيلومترات ستجد مدينة سارناث Sarnath، والتي تعتبر واحدة من أربع مدن مقدسة بالنسبة للبوذيين، فهو مكان ولادة دارما Dharma و مسقط رأس سانغا Sangha وكذلك المكان الذي بشر فيه بوذا لأول مرة. ويقال أن المعبد تم تدميره من طرف التوغل الإسلامي في الهند و الذي كان يرفض كل أنواع عبادة الأصنام, و تم إكتشافه مجددا من طرف البريطانيين. وليس ببعيد يمكنك زيارة معبد البوذيين مولاكان mulagandhakuti vihara

على خلاف أماكن الموت والحرق يمكنك زيارتي أماكن أخرى في فاراناسي مثل قلعة رامن اغار و الذي يعد مستودعًا لتاريخ ملوك بيناريس ومنذ القرن الثامن عشر, وهي واحدة من القلاع القديمة في المدينة والتي تحتوي على متحف للاسلحة القديمة التي كانت تستعمل في الحروب.

‏تشتهر وكذلك مدينة فاراناسي بالحرير و خياطة اللباس التقليدي المشهور في الهند وهو الساري الهندي، كذلك تشتهر المدينة بالعديد من الأسواق التقليدية منها سوق dalmandi و سوق جولغار golghar. حيث تعرض جميع الأعمال اليدوية مثل الملابس والحلي والأثاث.

يحتفل الهندوس في يوم 4 مارس بذكرى زواج اللورد شيفا, و الذي كان يملك 11 زوجة. تقام مرسيم الزواج كل سنة خصوصا في فاراناسي. يستغل الشباب هذا اليوم للزواج أيضا كتبرك من اللورد شيفا و تقاسم الفرحة معه.